قضية عمل المرأة

 


 

 

إن معالجة قضية عمل المرأة الذي انعكست آثاره السلبية على الأسر والمجتمعات وتربية الأجيال، لا يقف على إرادة هذه المرأة فقط، بل تتدخل فيه عدة عوامل يجب مراعاتها وأخذها بالحسبان، لإدراك مدى عمق هذه القضية وأهميتها ثم كيف يجب معالجتها بحسن تشخيص وإحاطة.

أولها: غزو فكري يستقطب النساء للعمل ويزيّن لهن ذلك على اعتبار أنه إثبات لذات المرأة ودليل على نجاحها وفي نفس الوقت، يبشّع في نظرها ويحقّر وظيفتها الأسمى "راعية لبيتها". غزو يمتلك الأدوات والتمويل والخطط، ويتحرك وفق استراتيجية مدروسة منظمة، مما يتطلب مواجهة قوية منظمة ويقظة.

ثانيا: منظومة اقتصادية أضحى استقطاب المرأة فيها الهدف، فتُفضل المرأة على الرجل في الوظيفة، وتحتكر بعض الوظائف للنساء حصرًا، على ما فيها من اختلاط وشقاء، حتى وإن تقدم الرجل بسيرة مقبولة، يتم تقديم المرأة عليه، وكلما كانت متبرجة ارتفعت حظوظها أكثر، فأضحى رب العمل حلقة فاسدة أخرى تستوجب المعالجة.

ثالثا: أسر فسدت فطرتها، فلا غيرة فيها ولا مروءة، يدفع الرجل زوجته دفعا للعمل، بل قد يختارها لأجل وظيفتها وطمعا في مرتبها، ولا يختلف عنه ذلك الأب الجشع والأخ البائس ممن يطالب ابنته وأخته بجلب المال، واعتبار ذلك "شطارة" يُعاب على من أبت وتُحتقر، وهذا واقع في مجتمعاتنا لا يخفى على عاقل.

رابعا: حالة فقر وحاجة أصابت بعض الأسر مع عجز في إيجاد المعيل وضعف التكافل في محيط الأسرة، واضطرار المرأة للخروج للعمل، منهن الأرامل والمطلقات ومنهم اليتيمة والضعيفة وصاحبة زوج عاجز، بلا سند. طبقة كان يجب أن يكفلها بيت مال المسلمين لكننا في زمن يفتقد لكل ما يسمى نظاما إسلاميا شاملا.

خامسا: ضعف التربية وصناعة الوعي في الجيل، تنشأ الفتاة لا تدرك ما وظيفتها الحقيقة، وتجهل الكثير عن عقيدتها. وغالبا ما تُربى البنات على اعتبار الدين عادة وتقاليد متوارثة فيضعف في قلبها وازع الخشية وحب اتباع نساء السلف بعلم وفقه، مع بيئة ضعيفة الالتزام. فيسهل استدراجها في دنيا الفتن.

سادسا: عدم توفر بديل إسلامي يصون النساء المحتاجات للعمل، كإنشاء مشاريع إسلامية قادرةعلى توفير دخل للأسر التي تضطر نساؤها للعمل لتبقى معززة مكرمة في بيتها. فكم نسبة المشاريع في الأمة التي تعتني بالتطوع والإغاثة وسد الحاجات بالمقارنة مع حجم هذه الحاجات! فقر في الفكرة والهمة أكبر من فقر المال.

سابعا: ضعف التخطيط الاستراتيجي الذي يتعامل مع الواقع فيحسن توظيف الطاقات وترشيدها واستدراك الجيل وتقليل الخسائر وتعويض الفقد، فما أكثر التنظير وما أقل فعاليته في الميدان، وسبق أن عرضت مشروعا مهما يسلط الضوء على كيف نصنع الرجال والنساء الأكثر تمثيلا للإسلام:

https://tipyan.com/educator-preparation-project


إن محاولة حصر قضية عمل المرأة في تحميل هذه المرأة كل المسؤولية في ما آلت له مجتمعاتنا، خطأ وجب تداركه بمعالجة جميع العوامل التي أدت لذلك بلا إهمال لأيّ منها، فإن الإصلاح عملية مركبة تتطلب فقها وبعد نظر.

وأخيرا لابد للنساء أن يرجعن لوظيفتهن الأولى لأنها وظيفة تتعلق بها أمة كاملة لا مجرد فرد .

د. ليلى حمدان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تغريدات متفرقة عن المرأة

همسة لطالبات العلم